recent
أخبار ساخنة

قصص قبل النوم - قصة الأنف العجيب

الصفحة الرئيسية

ما أجمل تلك القصة التي نرويها لاطفالنا قبل النوم ، لترسخ في عقولهم فكرة وهدفا ساميا ، لتعلمهم شيء وفكرة جديدة دون ألزامهم بتنفيذها ، لتترسب في عقلهم الباطن ليحاولوا تحقيقها إنها حقا شيء هام ومفيد أن تقص على مسامع طفلك حكاية مفيدة لها هدف وغرض قبل أن ينام ليحلم بها في نومه ويحاول تحقيقها.

قصة الأنف العجيب


قصة الأنف العجيب


في أحد الأزمنة البعيدة، كان هناك ثلاثةُ جنودٍ محبّين لوطنهم كثيراً، وكانت أسمائهم : “كريم، نادر، غالب”، وكان الثلاثة جنود الشجعان قد انتهوا لتوّهم من حربٍ ضد أحد الأعداء، فأرادوا العودة لبلادهم، فظلّوا ينتقلون من بلدةٍ لأخرى، ولكن عاملهم الناسُ معاملةً سيئةً بعد سنوات القتال الطويلة، وطرد العدو من البلاد، لذا اضطر الجنود الثلاثة للسير على الأقدام.

وصل الشباب لأحد الغابات البعيدة وقرّروا أن يبيتوا ليلتهم فيها، وتناوبوا الحراسة ليأمنوا مكر الحيوانات المفترسة التي تجولُ بالليل بحثاً عن أي فريسة.

استلقى في النوم “كريم ونادر” أوّلاً، وبقي غالب يجمعُ قليلاً من الحطب وأوقد ناراً جلس أمامها يحرس رفيقيه.

وبعد ساعاتٍ قليلة، أقبل قزمٌ يرتدي معطفاً ذا لونٍ أحمر، فسأل من بعيد : “من هناك يجلس أمام النار؟!”

فردّ عليه غالب قائلاً : “مجردُ صديق !”

فسأل القزمُ بعصبية : “ومن أي نوعٍ من الأصدقاءِ أنت ؟!”

فأجاب غالب : “مجرّدُ جنديّ خدم الوطن والآن متقاعد لا يجدُ لنفسه مكاناً يؤويه، فاضطر للجوء لهذه الغابة هو وصديقين مثله، هيّا تعال واجلس معنا لتنعم بالدفء بهذه النار”.

فردّ القزمُ بحزنٍ ممّا سمع قائلاً : “لقد آلمني كلامك كثيراً، وسأبذل ما بوسعي لأساعدك في هذه الحياة القاسية” وأعطى القزمَ لغالب رداءً عجيباً، ليُكمل كلامه قائلاً : “خذ منّي هذا الرداء أيها الشاب، وابذل جهدك للحفاظ عليه، فهو لا يُقدّر بثمن، وإن ارتديتهُ في أي وقت وطلبت شيئاً، فسوف يُلبّى ويتحقّق على الفور”.

وودّع القزمُ غالب بعد أن شكرهُ على معروفه وكلامهُ اللطيف.

وانتهى دور غالب في الحراس وأخذ مكانهُ كريم لينام غالب قليلاً، وأشعل كريم ناراً هو الآخر لتدفئه أثناء حراسته، ولم تمض دقائق حتّى حضر القزمُ مرّةً أُخرى، فاستقبلهُ كريم استقبالاً حسناً، فأعطاهُ القزم كيساً عجيباً مليء بالنقود الذهبية لا ينقص ما في الكيس مهما أنفق الإنسانُ منه.

وما أن أتى دور نادر في الحراسة واشغل ناراً تُدفئه، حتّى حضر القزمُ من جديد، فقابلهُ نادر كما قابله صديقاهُ قبله، فأعطاهُ بوقاً موسيقياً غريباً، فإذا نفخ فيه نادر مرّةً واحد فسيتجمّع الناسُ حوله ليتمتّعوا بجمال موسيقاه، وأمّا إذا نفخ فيه ثلاثة مرات، فسيحضر أمامهُ جيشٌ كامل مزوّد بالأسلحة الفتّاكة، مستعدةً لتنفيذ أي أمر، فشكر نادر القزم وودّعه.

وما أن أشرقت شمسُ تلك الليلة، حتّى حكى كلٌ منهم قصتهُ مع القزم وبيّن هديتهُ العجيبة كيف تعمل، فاستبشروا فرحين وحمدوا الله على تلك النعم، وأخذوا العهد على أنفسهم بأن يعيشوا معاً ويتشاركوا تلك الهبات التي معهم، فأخذ الثلاثةُ جنود في الانتقال من بلدٍ لآخر، يسافرون ويتنقّلون كالسّائحين ويستمتعون بجمال البلاد التي يزورونها.

واهتدى الشباب للاستقرار في بيتٍ كبيرٍ ليعيشوا حياةً مستريحة، وهنا جاء دور غالب ليستخدم رداءه العجيب، وتمنى قصراً كبيراً يستقر فيه هو وصديقيه ليجدوا فيه وسائل الراحة.

ولم تمض لحظات حتّى ظهر أمامهم قصراً كبيراً مُحاطاً بحدائق غنّاء، غير المراعي الكبيرة التي تبعد عن القصر مسافة قصيرة، ووجدوا أمام القصر ثلاثُ عربات رياضية يخرجون فيها ويتمتعوا بالهواء الطلق.

ولكن سرعان ما سئم الشباب الثلاثة الحياة لعدم زيارة أي أحدٍ لهم، ففكّروا بزيارة حاكم المدينة، وعلى الفور كان رسولهم عند حاكم المدينة ليخبرهُ برغبتهم بقدومهم لزيارة الحاكم، فرحّب بهم واستقبلهم الحاكم أعظم استقبال وأدناهم منه لظنّه بأنّهم من أبناء الملوك بسبب مظاهر الأبهة الجلية عليهم، واستمرت الزيارة عدة أيام.

وذات يومٍ وبينما كريم يسيرُ مع الأميرة – البنت الوحيدة للحاكم – فشاهدت بيده الكيس، فسألت عن ذلك، فأعطاها كريم إجابةً بحسن نية عنه وكيف أنّه سحري ولا ينفد ما فيه من ذهب.

يؤسفني أن أخبركم يا أصدقائي بأنّ تلك الأميرة كانت ساحرة وشريرة – تعرف جيداً قيمة الكيس العجيب والرداء وكذلك البوق – وأرادت وبشدة أن تحصل عليها جميعاً، فسوّت كيساً شبيهاً تماماً بكيس كريم العجيب..

وذات يومٍ دعت كريم لزيارتها وطلبت من خادمها ما أن يصل حجرتها حتّى يُقدّم له كوباً من الشاي كانت قد وضعت به منوّماً، وشرب كريم من الشاي رشفة واحدة فغطّ في سباتٍ عميق، وأخذت الأميرة الكيس العجيب واستبدلتهُ بالكيس الذي صنعته.

وبعد يومٍ من تلك الحادثة، عاد الثلاثةُ جنودٍ لقصرهم، وأرادوا شراء بعض المستلزمات، فذهبوا للكيس العجيب وأخذوا ما فيه من نقود ذهبية، ثم لم يمتلأ الكيس بالنقود الذهبية كعادته، فعلموا على الفور بأن الأميرة قد احتالت على كريم وسرقت منه الكيس وهو نائم، وحزن كريم لذلك حزناً شديداً.

فقال غالب مُحاولاً تهدئة صاحبه : “لا تقلق يا كريم، لا زال بحوزتنا الرداء والبوق”، وأخذ غالب رداءهُ العجيب فارتداه فوق كنفيه، وأخذ في التمنّي حتى صار داخل حجرة الأميرة في القصر، فشاهدها وهي تعد العملات الذهبية.

وما أن أحسّت الأميرة بوجود أحدٍ في الغرفة حتّى صرخت، سارق ! سارق ! النجدة !.. فحضر على الفور فوجٌ كبيرٌ من الخدم وحرس القصر يطوفون بالغرفة من كل مكان، فلم يجد غالب مهرباً سوى القفز من النافذة التي كانت بجواره، ولكن ويشاء الله أن يعلق الرداء بمسمارٍ في تلك النافذة، فتركه غالب وهرب بجلدة.

ابتسمت الأميرةُ الماكرة ابتسامة خبيثة وقالت في نفسها : “لقد فزت الليلة بالرداء العجيب أيضاً دون بذل أي مجهود”.

رجع غالب المسكين هو الآخر إلى القصر ماشيا وهو يندب حظّه على خسارته لردائه، فنظر إليه نادر هو يقول : “لا تقلق ! فلا زال بحوزتنا البوق !”..

وهذه المرة نفخ نادر في البوق ثلاث مرات، فحضر الجيشُ الجرار بفرقٍ من الجنود لا حصر لها، مزوّدةً بأحدث الأسلحة والذخائر، وجاء قائد الجيش ليخبر نادر بأنّه جاهز لتنفيذ الأوامر، فأخبر نادر قائد الجيش ما حصل مع صديقيه وأن تلك الأميرة الساحرة قد خدعتهما وأخذت الكيس والرداء.

حاصر القائدُ وجندهُ القصر وأرسل القائد رسولاً يأمر الحاكم بأن تُعيد ابنتهُ ما سرقته، وأن يتم تسليم الكيس والرداء قبل منتصف الليل، وإلّا سيتم هدم القصر على من فيه.

طبعاً رفضت الأميرةُ تسليم جوائزها الغالية، وقامت بالتّخلص من المشكلة بخبثٍ ومكرٍ ودهاء.

قامت الأميرة بارتداء ملابس فتاةٍ فقيرة معها سلّة تبيعُ الزهور في معسكر الأعداء، وأخذت معها جاريتها وأخبرتها بأن تذهب لخيمة نادر لتأخذ البوق وتعود للقصر وتنفخ به ثلاث مرات ثم تعلمها بذلك بإشارةٍ كانا قد اتفقا عليها..

وأثناء ذلك، قامت الأميرة بالمرور بخيام الجنود لتبيع لهم وهي تغنّي بصوتٍ عذبٍ أروع الأغاني، فترك كل الجنود أماكنهم وأتوا ليستمعوا لصوتها الجميل، حتّى نادر صاحب البوق قد حضر ليستمع لتلك النغمات الهادئة.

ونفّذت الجارية الخطة ونجحت في سرقة البوق، وانتهى الجيش وانصرف قائد الجنود وتركوا الحصار، وعادت تلك الأميرةُ الشريرة منتصرة وبحوزتها الهبات الثلاثة الغريبة، وأمّا أصدقائنا الجنود الثلاثة فقد أفلسوا وودّع بعضهم بعضاً، فاتّجه غالب ناحية المشرق (ناحية الغابة)، وأمّا كريم ونادر فقد انطلاقا معاً ناحية الشمال.

وانتهى غالب بأن وجد نفسه في الغابة التي عثر فيها مع صديقيه على الحظ السعيد، وما أن وصل حتّى استلقى تحت شجرةٍ من شدة التعب، وفي اليوم التالي ما أن استيقظ غالب حتّى وجد الشجرة التي نام تحتها قد امتلأت بالتفاح الناضج.

فأخذ غالب في قطف الثمار واحدة وراء الأخرى لكونه جائعاً من عناء السفر.. ولكن حدث شيءٌ عجيب !.

أحسّ غالب بشعور غريب في أنفه، وما أن أحسّهُ حتّى وجد أنفهُ يكبر شيئاً فشيئاً، وأخذ أنف غالب في النمو حتّى وصل الأرض ومن ثم وصل لآخر الغابة وبعدها امتد خارج طريق الغابة.

كان كُلّ من كريم ونادر يسيران على الطريق، وإذ بهما يتعثّران بشيء على الأرض ولكن لم يتعرّفا عليه، فتتبّعاهُ حتى وصلا لأوله، وأصابتهما الصدمة حينما وجداه ينتهي عند صديقهما غالب النائم المسكين، تحت شجرة التفاح العجيبة تلك !.

جلس الثلاثةُ أصدقاء في همٍ وغم، ودعوا ربهم أن يُنقذهم من هذا.. وبعد دقائق قليلة، أقبل عليهم صديقهم القديم القزم صاحب العباءة الحمراء، فسلّم عليهم وسأل القزمُ وهو يضحك غالب قائلاً : “هههههه، ما الأمر يا صاحبي ؟ ما الذي حدث لك؟”.

رغم أنّ القَزَم الصغير يعرفُ جيداً ما أصابهُ ويعرفُ كذلك الدواء، فنظر إليهم وقال : “لا تقلق يا غالب يا صديقي، سأدلك الآن على دواءٍ سيشفيك إن شاء الله..أحضرا بعض الكمثرى من تلك الشجرة، فإنّ في الكمثرى شفاءً له إن شاء الله”.

وبالفعل، انطلق كريم ونادر مسرعين ناحية شجرة الكمثرى وقطفا منها بعض الثمار وعادا لغالب صاحبهما وقدّماها له، فأكل غالب، ولم تمض لحظات حتّى عاد أنفه لطوله الطبيعي، فشكروا القزم على هذه المساعدات الكثيرة، وأخبروه بما حدث ما تلك الأميرة الساحرة.

فقال القزم : “لدي خطّة ستُعيد إليكم ما سرقتهُ منكم إن شاء الله.. خذوا من شجرة التفاح تلك بعض الثمار وكذلك شجرة الكمثرى، وبيعوها التفاح أولّا، فإن أكلت التفاح سيطول أنفها، وعندها يُمكنكم مقايضة الكمثرى بما أخذتهُ منكم !”.

وهنا لبس غالب لباس البستانيين وانطلق ناحية القصر حاملاً معهُ سلّة مليئة بالتفاح العجيب.. دخل على الملك فعرض التفاح أمامه وقال أنّهُ خاص للأميرة فقط، وأرسلت الأميرةُ من يأخذ التفاح من غالب بعد أن اشتروا السلة كلها، وأخذت الأميرةُ تفاحةً فوجدتها لذيذة، فتناولت واحدةً أُخرى.

دقائق قليلة !… وإذ بصرخاتٍ عالية تخرج من غرفة الأميرة، وغالب يقفُ بالخارج ويضحك فهو يفهم كل شيء.. جاء الملك فوجد أنف الأميرةِ قد طال حتّى وصل الأرض، فأمر بطبيب القصر على الفور، فحضر متعجّباً مما يرى، وقدّم لها دواءً لكنّه لم يُجدي نفعاً.

وعلى الفور، انطلق رسولُ الملك يستنجدُ بأشهر أطباء المملكة لعلاج الأميرة، وأعطى وعداً لم يتمكّن من إيجاد الدواء المناسب أن يُعطيه ما يُريد.

وأتى الكثيرُ من الأطباء ممن يرغبون فيما عند الملك، وحاولوا مع الأميرة بشتّى الطرق، ولكن دون جدوى، فالأميرةُ لم تتحسّن ولم ينقص من طول أنفها شيئاً.

ثم بعد أسبوعين من تلك الحادثة، حضر غالب وهو يرتدي ملابس طبيب، ودخل على الأميرة ليفحصها وكان يحمل في حقيبته كمثرى، وقال للملك، بأنّه يستطيعُ شفاءها بإذن الله ولكن الأمر سيحتاجُ لعديد من الزيارات.

وهنا سأل غالب الأميرة عن سبب مرضها، فأجابته بأنّها قد تناولت ثلاث تفاحات، فحدث لها ما حدث.

فأمرها غالب بأن تُريه التفاح الذي أكلت منه، وأعطها قطعة إضافية من التفاح وأمرها بأكلها ليرى النتيجة في اليوم التالي، وفي الصباح طال أنفها أكثر.

حينما رأى غالب على وجه الأميرة القلق قد زاد، أعطاها قطعةً صغيرةً من الكمثرى لتأكلها وقدم لها في اليوم التالي، فوجدها تتحسّن وأنفها أخذ يقصرُ قليلاً، فسعدت بذلك كثيراً، ولكن غالب وضع لها قطعة تفاحٍ صغيرةٍ في أحد أطباق الطعام.

ولما أتاها الصباح التالي وجد أنفها قد طال من جديد، ونفسيتها قد ازدادت سوءاً، وهنا وصل غالب لما كان يُخطّطُ له، حيثُ قال : “أيتها الأميرة ! يبدوا أنّك أغضبت الله بذنبٍ قد ارتكبتهِ خفيةً، ولن يتم شفاكِ إلا إذا طهّرت نفسك من تلك الذنوب، أرضيت الله”.

وكان الإنكارُ هو ما ظهر على وجه الأميرة رافضةً تماماً فكرة أنّها قد تكون قد ارتكبت ذنباً، ودافعت عن نفسها قائلةً بأنّها لم تغضب الله..

فهدأ غالبُ قليلاً ثم قال بصوتٍ هادئ : “أيتها الأميرة ! أنت مذنبة ! وستنتهي حياتك قريباً بهذا الوباء الخبيث، فإن قلت الحق وتخلّصت من كبرك وعنادك وتوبتي لله، نجّاكِ من هذا المرض”.

وهنا أتى غالب الحاكم وأخبرهُ بأنّ حالة الأميرة قد ساءت كثيراً بعد أن تحسّنت، وأنّ مرضها هذا لن يزول عنها إلّا إذا تابت لربها من ذنوبها، وأتاها الملكُ ذات ليلةٍ ونصح ابنتهُ بأن تقول الحقيقة ليتخلّص من هذا المرض الذي شغلهُ كثيراً عن شؤون المملكة.

وهنا لم يكن أمام الأميرة خيارٌ آخر سوى الاعتراف، فقالت : “نعم، أنا مذنبة ! لقد سرقتُ من فترةٍ بسيطةٍ كيساً ورداءً وبوقاً من ثلاثة جنود قد زاروا قصرنا من قبل، هذه كل ذنوبي” وأخذت الأميرةُ تبكي بكاءً مريراً.

وأخذ الملك تلك الأشياء وأعطاها للطبيب غالب لكي يعدهم لأصحابهم ويُكمل علاجها.

وما أن أخذ غالب ما له هو وصديقيه، أعطى الأميرة ثمرة كمثرى كاملة وأمرها بأكلها، فعاد أنفها طبيعيا تماماً كما كان، وارتدى غالب الرداء العجيب وتمنّى أن يعود لصاحبيه، وفي الحال كان معهما، وعاش الثلاثة أصدقاء معاً حياةً جميلة كلها تعاون وإخلاص ووفاء.

google-playkhamsatmostaqltradent